دكان البسط الصوفية والقطنية

أ. خلدون الشيشكلي

البساط الصوفي والقطني هو فعلاً سجادة الفقير، ومن البسط الصوفية ما فاق في جمال نقوشه وتناسب ألوانه ومن صنعه وغنى زخارفه جمال السجاد. وسبب اقبال الفقير عليه هو رخص ثمنه مقارنةً بالسجاد، ولأنه أسهل صنعاً، وأقل سمكاً وتكلفة وجهداً واستهلاكاً للمواد والوقت اللازمين لصنعه. لعل صناعة البسط من أقدم الصناعات اليدوية الشعبية في بلدنا، وتحتاج في صناعتها إلى الكثير من الجهد والوقت والخبرة والمثابرة والمواد والصبر والممارسة والمهارة والذوق والإتقان. تتعدد أنواع البسط بتعدد مواردها ونقوشها، وأساليب حياكتها، ونوعيات صوفها أو قطنها، أو لحمتها أو سداها، وألوانها وقياساتها، وحتى استعمالاتها وأنوالها، وأخذت تفردها حتى في مناطق صنعها، وطبيعة نوعية وعقلية سكان تلك المناطق وسميت بأسمائها. ومن البسط ما ينتج من صوف الغنم أو وبر الجمال أو شعر الماعز أو من القطن أو الحرير أو قطع (الخروق) قطع القماش المستعملة، والبسط الصوفية لها عدة أنواع وأشكال وطرز، ويختلف واحدها عن الآخر شكلاً وملمساً ولوناً ونقشاً وسماكة، كما تختلف سداه من خيوط الصوف الطبيعية إلى خيوط الغزل القطنية أو الكتانية، ومن البسط الصوفية ما يستعمل الصوف الطبيعي غير المصبوغ، ومنها ما يستعمل الصوف المصبوغ يدوياً، ولكل نساج نقشات وألوان وطرق حياكة تخصه، تتميز البسط القطنية والكتانية بليونتها وخفة وزنها وعدم وجود ما يحتك بجسم الجالس عليها ومستعملها، كما أن رائحة نسيجها أفضل بكثير من رائحة البسط الصوفية، كما وتمتاز بإمكانية إضافة الخيوط المقصبة إلى نسيجها مما يكسبها جمالاً خاصاً، والأهم من كل هذا أنها أقل ثمناً من الصوف وتعرضاً للعت والاهتراء السريع. أما البسط المصنوعة من وبر الجمال أو شعر الماعز فتتميز بسماكتها وقساوتها، وهي تبقى غالباً على أولنها الطبيعية البيضاء والترابية والبنية والسوداء وهي الأرخص ثمناً بين جميع أنواع البسط، وأكثرها رائحة، وتسمى هذه البسط بالبلاسات، ومنها بلاس الليوان الكبير والصغير والمتوسط والخاص بنشر المؤونة عليها وتجفيفها، ومن هذه الأنواع تصنع (المخمل لإطعام الدواب والخروج للتحميل عليها) أما البسط الحريرية فهي الأغلى والأحلى والأرق والأنعم والأرقى والأصعب، وتستعمل كوجوه للطنافس والأرائك والدواوين وحتى للستائر، والبعض يعلقها على الجدران، كأحلى لوحة محملة بالرموز والزخارف الشعبية. وكان دكان بيع البسط متحفاً صغيراً غنياً بموجوداته، وكل بساط هو نتاج جهد إنساني كبير وجاد، نتاج ذوق وخبرة وفن ومهارة وإتقان من نسجه. زبائن البسط الفقراء ومتوسطو الحال، أو من يقدرون ذوق النساج وجهده، ويعتبرون البساط عملاً فنياً جميلاً أصيلاً، ومهما دفع فيه من ثمن يبقاً الثمن قليلاً.