- info@damascus-heritage.org
هذه المهنة في طريقها الحتمي للانقراض، لأن الناس اسعاضوا عن استعمال الأدوات المنزلية النحاسية والتي تحتاج إلى التبييض بأدوات المنزل المصنوعة من الألمنيوم أو الستانلس ستيل، أو المعدن المطلي بالشينكو أو التيفال أو الزجاج أو الخزف وغيره. زائر دكان المبيض يلاحظ كيف يحول المبيض قطعة النحاس المتأكسدة لدرجة السواد إلى قطعة بريقها الفضي يفوق الفضة في لمعانه. يقوم المبيض بغسل الأواني النحاسية التي يريد تبييضها بشكل جيد، ويسخنها بواسطة نار متقدة بشدة، يزيد شدة اتقادها منفاخ هواء قوي يتم نفخه بواسطة القدم أو اليد، بعد تسخينها جيداً يفركها المبيض بحجر النشادر من جميع زواياها وسطوحها، ثم تطلى بمادة القصدير بواسطة كتلة كبيرة من القطن عدة مرات حتى تبدو لامعة جداً، ولاينجح التبييض إن لم يكن كامل الوعاء نظيفاً جداً، وكلما قلت نظافة الوعاء قصر عمر لمعان القطعة من خلال البقعة التي لم يتم تنظيفها جيداً أيا كان حجمها، والتي ستكبر يومياً حتى دون استعمال للقطعة، وكلما قل تنظيف القطعة كثر غش تبييضها، وكلما كثرت مادة النشادر على جدرانها وزواياها تآلف القصدير مع سطوحها، وزاد الطلاء تماسكا وسماكة، وزادت اللمعة، وطال عمر الطلاء. كان التبييض ضرورياً جداً في وقت كان النحاس سيد الأدوات المنزلية السائدة الاستعمال، لذا فإن تناول الطعام أو طهيه في أوام نحاسية غير مبيضة ضار وخطر جداً، وهناك احتمالات كثيرة لتفاعل مواد الطبخ وخاصة الأملاح والأحماض مع النحاس تفاعلات سامة، وحتى الأوعية النحاسية الصفراء أو الحمراء الجديدة ما كانت لتدخل البيت لاستعمالات الطهي أو الطعام قبل تبييضها. المبيض مهني حاذق، وتحتاج مهتنه إلى إتقان وخبرة وصبر وضمير، وكلما أتقنها أكثر زاد إقبال الناس عليه أكثر. زبائن المبيض في الماضي كل الناس، واليوم تقلصوا لقليل ممن يهتمون بالأواني النحاسية وتبييضها.