المطبعة

أ. خلدون الشيشكلي

كانت المطابع بسيطة بدائية، وصغيرة الحجم قليلة الإمكانيات لدرجة أن دكاناً صغيرة كانت تسعها وتزيد. اختلفت احتياجات الناس للمطابع، وبالتالي اختلف نوعيات وخدمات المطابع، وتقسمت إلى مطابع الجرائد والكتب، ومطابع علب الكرتون وبطاقات الأفراح والمناسبات والزيارة، إلى مطابع ورق السكاكر الشفافة (السلوفان)، وورق تغليف الشوكولاه المقصب، إلى المطابع المختصة بطباعة البلاستيك والزجاج، إلى مطابع النعوات، إلى مطابع القماش بواسطة الشاشة الحريرية وغيره. لكل من هذه المطابع أنواعها وأحجامها وقياساتها وأجناسها ومواصفات ونتائج عملها، ومنها ما يطبع على الورق الرقيق العادي، أو على الكرتون، أو على لفائف ورق السلوفان الشفاف أو القصب، أو على القماش والبلاستيك والزجاج وغيره. كل مطبعة من هذه المطابع تحتاج إلى: قطاعة ورق وطعاجة وخراقة، وإلى تنضيد الحرف أو طباعة الكليشيهات المعدنية، أو المطبوعة على أفلام التصوير الجيلاتينية، وتحتاج إلى عمليات فرز اللون والاستفادة من شفافياته، إلى خدمات الزنكوغراف والتصوير الفوتوغرافي، والرسامين والخطاطين والمصممين وخدمات التجليد، وخدمات التحميل والتنزيل والعتالة. بدأت المطابع في بلدنا بالطباعة الحجرية اليدوية العريقة، وتطورت بعدئذ إلى الطباعة الآلية (بالتيبو والأوفست) ثم تطورت إلى الطباعة الحديثة الراقية الإلكترونية الحالية والمتطورة جداً، ومن أوائل المطابع في دمشق مطبعة الترقي 1918، والتي أغلقت الآن. صاحب المطبعة أياً كان نوعها هو حرفي مجيد في عمله، وصاحب كفاءات متعددة، وهمة عالية، وخبرات كثيرة في صف الحرف بالمقلوب، وفرز اللون والتحبير، والقص والتطعيج والتذهيب والطباعة النافرة والغائرة وكثير غيره. هذا إن كانت الطباعة عادية، أما إن كانت حرارية أو حريرية فالتعقيدات أكثر، والصعوبات والخبرات يجب أن تكون أكبر. زبائن المطابع هم كتاب مؤلفون، أو شعراء، أو تجار ملابس وسكاكر، أو من كان لإنتاجهم صلة بالتعليب والتغليف، أو أصحاب مناسبات فرح أو وفاة، أو من بحاجة لبطاقة اسمية وغيره.