- info@damascus-heritage.org
كانت المطاحن الأولى بدائية حجرية تعمل بقوة دفع الماء، وفي كل سيل ماء يتفرغ إلى مستويات أخفض تتوضع مطحنة مبيرة أو صغيرة في المدينة أو الريف، وكانت تخدم منطقتها وتزيد. مع تطور الحياة والعلم والصناعة، وتزايد احتياجات الناس لطحن إنتاجهم ومتطلباتهم، ظهرت المطاحن الميكانيكية وتطورت كثيراً. المطاحن الصغيرة التي كانت تتوضع في الدكاكين كانت مطاحن ثنائية أو ثلاثية الرؤوس، ذات المخاريط الضخمة في أعلاها، كي يلقى فيها بمحتويات أكياس الغلال بأنواعها، وليصار إلى طحنها إلى طحين دقيق، أو إلى جرشها إلى برغل ناعم أو خشن، وكذلك يمكن جرش العدس فيها، وطحن الحمص والذرة أيضا. طحن الغلال والحبوب بأنواعها عمل ليس بالسهل، ومفيد للناس، وفيه ثواب من الله لأنه يسهل على الناس تأمين قوتهم. طحانة ما يجلبه الناس للمطحنة، كل بدوره وحسب كميته وطلبه، عملية ليست سهلة، خصوصاً وأن المطاحن الأولى البدائية البسيطة والقديمة كانت تسبب ضجيجاً عالياً، والكثير من الغبار مما يجعل من الطحان وعماله أناساً ذوي مظهر أسطوري من خلال ما يتراكم عليهم من غبار طوال النهار، عدا عن إزعاجات رائحة وقود محركات تدوير المطحنة، وغبار التفريع والتجميع، وتنظيف الأرض والمطحنة بشكل دائم، ووجود الفئران والجرذان بشكل مكثف، كل هذا كان ينعكس بشكل سلبي على صحة العاملين بالمطحنة ويصعب عملهم أكثر. صاحب المطحنة مسؤول عن طحن نعم الله على الناس بغلال خيره، وأمين عليها، وهو حرفي كثير الصبر والخبرات، متعدد المهارات من ميكانيك، إلى حساب مكاييل ما طحنه، وأوزانها وتحميلها وتنزيلها، وتحديد أجرتها، كما يجيد التعامل مع آلات مطحنته وغبارها وصوتها وروائحها. زبائن المطحنة محتاجون لطحن غلالهم أو جرشها لاستهلاكها أو بيعها، وفي كلا الحالتين انتفاع فيها.