- info@damascus-heritage.org
كانت دكاكين المطهرين والأطباء الشعبيين منتشرة في كل حي شعبي بالماضي، وقد انقرضت تماماً وإلى غير رجعة دكاكين الأطباء الشعبيين، وبقيت دكان أو اثنتان في دمشق كلها للمطهر الشعبي. المطهر هو من كان يقوم بعملية الختان المفروضة على كل مسلم، وبعض من غير المسلمين يجرون هذه العملية الصحية لأبنائهم. الأطباء الشعبيون هم من كانوا يمارسون مداواة المرضى بالخبرة والممارسة لا بالدراسة، وبالأعشاب والوصفات الشعبية لا بالأدوية. ويقومون بتجبير الكسور والخلوع والرضوض، وبعلاج التهابات المفاصل والجروح البسيطة، والحروق والدمامل والثآليل والقروح، والقشرة والقشب، وحب الشباب، والجرب، والقمل والدوار والصداع وكاسات الهواء والحجامة وغيره. بعض من هؤلاء الأطباء الشعبيين كانوا من قدماء الممرضين المتقاعدين، وكان بعضهم يجاز من وزارة الصحة للقيام بأعمال التمريض، كزرق الحقن العضلية والوريدية، وقياس الضغط والحرارة، وإجراء الحقن الشرجية، ومعالجة الجروح، ووضع وتغيير الأربطة والضمادات. كذلك كان القليل من الخبراء بالختان، وتجبير الكسور، والمداواة بالأعشاب، يحصلون على إجازة قانونية بممارسة مهنتهم، وبنفس الوقت كان كثيرون آخرون يمارسون هذه المهنة الخطرة دون أي ترخيص، وكان فيهم المدعون الأفاقون والمشعوذون، ولهم أخطاؤهم الكثيرة الخطيرة ودائمة الضرر والتأثير على من يصدقونهم ويتعاملون معهم. شارك بعض أصحاب هذه الدكاكين الحلاقين أيام زمان في معالجة آلام الأسنان وقلعها، وإجراء عمليات الحجامة وفصد الدم، والتشطيب، وتعليق (الدود) العلق لمص الدم وغيره. المطهر الذي كان يقوم بعملية الختان كان يدعى أيضا بالمزين، ويمكن أن يقوم في أوقات فراغه بالحلاقة ومعالجة الزبائن معاً. متى أجرى المطهر عملية الختان لأحد الأولاد كان يتولى عملية الإشراف اليومي على حالة جرح ذاك الطفل، وتغيير اللصوق له حتى يشفى تماماً، ومن أبشع العادات التي كانت سائدة أن من كان له طفل وحيد مدلل كان يتأخر بإجراء عملية الختان له حتى يصبح شاباً، وبهذا تكون عملية الختان مؤلمة ومحرجة جداً له بآن معاً، ومكلفة كثيراً لأن وراءها حفلات وولائم وأفراحاً. المطهر والطبيب الشعبي كانا يقدمان خدماتهما المفيدة غالباً قبل انتشار الطب، وقد انتهى دورهما الآن تماماً مع انتشار الطب، إلا في بعض المناطق النائية من الريف، وحيث يوجد الفقر نجد الجهل دائماً. زبائن هذه الدكان هم من دراويش الحال، وفقراء العلم والمال، وقلائل من المؤمنين بالطب الشعبي والمطهر العربي.