دكان نحاتة الحجر

كانت دكاكين نحاتة الحجر ولا زالت محصورة في سوق السنانية. وكان لهذه المهنة دور أجمل وعملي أكثر من دوره الحالي، فقد كان نحات الحجر ينحت في دكانه أجران الكبة المضلعة والسميكة الحواف جداً، والتي لها في زواياها الأربع أربع دعائم ضخمة أسطوانية تبرز عن جسم الجرن قبل البدء بتنعيمها داخله. أجران الحمام البيضوية، أو النصف بيضوية، أو النصف دائرية، والرقيقة الحواف والواسعة من الداخل لأكبر كمية ماء. نحات أيام زمان كان ينحت أصص زريعة ضخمة فخمة، أو صغيرة لطيفة، ورؤوس أسود لتستخدم مسيلات للماء، وكذلك قواعد وتيجان وأجسام الأعمدة، أيا كانت قياساتها وزخارفها، وبالتالي أقواسها وأقواس المحراب والأبواب والنوافذ واللواوين والمقرنصات للمداخل، وكذا للمآذن، ومحيط آبار البيوت وأدراجها (ودرابزيناتها)، وقواعد بحراتها وأعمدتها، والبحرات الصغيرة لنافوراتها، والسمكات التي تطلق بالماء للبحرة من جهاتها الأربع، وأعمدة وقواعد حمل نباتاتها، والأعمدة المخصورة المستعملة للدرابزينات بأنواعها وأشكالها المختلفة. اقتصرت دكاكين نحاتة الحجر اليوم على نحاتة شواهد وأجسام القبور وأجرانها، وما يكتب على تلك الشواهد والأجسام من آيات وحكم وأشعار ومعلومات، وكذلك الصلبان للقبور المسيحية وكل ما يتعلق بها، وما يكتب على اللوحات المسماة (لوحات حجر الأساس) للمشاريع. لنحات الحجر أدوار أبهى وأجمل بكثير مما يخص القبور وشواهدها فقط، ورغم أن عدم الحاجة قد ألغى بعضها من مجالاته، لكنه هو نفسه ألغى كثيراً من إبداعاته وفرص تنوع عطاءاته وتفاعلاته مع الحجر الرائع. زبون نحات الحجر كان يطلب عملاً جميلاً ليستمتع به في حياته، أما اليوم فيطلب شيئا لمماته أو ممات غيره.