بيت استانبولي

ويعرف أيضاً باسم بيت نيادو (لربّما تحريف للقب لنيادو). الصورة عن Bonfils بعد ١٨٧٢.

الموقع غرب بيت فارحي ونسبة اسطمبولي لعائلة ليفي الثريّة التي أتت من القسطنطينيّة.  

يتمركز البيت حول صحن الجوّاني الواسع وله صحن صغير للمدخل. الإيوان قبلي كما هي القاعدة في سائر الدور الشاميّة ويقابله قاعة رئيسة في جهة الشمال.

تزوّج سلمون (سليمان) اسطمبولي ابنة اسحق حاييم فارحي (توفّيت ١٩٢٤) أمّا عن البيت فقد اشتراه جوزيف (يوسف) بك لنيادو (١٨٥٠-١٩٤٢) من آل اسطمبولي عام  ١٨٩٥ وبقي في عائلته إلى أن باعه ابن أخيه صبري لنيادو إلى مؤسّسة أمريكيّة عام ١٩٤٣. تحوّل لاحقاً إلى مدرسة. 

بني هذا القصر الشامي قي أواخر القرن الثامن عشر وخضع لتجديد مكثّف بين ١٨٦٥-١٨٧٢ (كلّف عشرين ألف ليرة ذهبيّة عثمانيّة كما رأينا). تتبع زخارف صحن الجوّاني والقاعة والإيوان طراز الباروك العثماني. 

اهتمّ عدد من المصوّرين بهذا البيت وتركوا لنا العديد من اللقطات الفنيّة بين ١٨٧٢ و ١٩١٥ ومنهم Bonfils (الصورة الملحقة للإيوان وبالتدقيق فيها نرى الكتابة العبريّة فوق الباب على يسار الناظر أي على الجدار الشرقي للإيوان). حاول Weber توخّي المزيد من الدقّة في تأريخ الصور استناداً إلى درجة نموّ الأشجار وطراز الثياب. 

أجريت تعديلات على البيت لاحقاً عندما تحوّل إلى مدرسة  في خمسينات القرن العشرين ليستمرّ كذلك حتّى مطلع التسعينات. كان البيت ملكاً لأحد “شيوخ الشيعة” عام ٢٠٠٠ (حسب Keenan) ولكن المعلومات عن التسلسل الزمني لانتقال ملكيّته محدودة. 

نتابع جولتنا في بيت نيادو-اسطمبولي مع صورة من عام ١٩١٥ عن المستشرق الألماني Karl Wulzinger (١٨٨٦-١٩٤٨).

تمركز البيت حول صحن الجوّاني ونرى في الصورة الإيوان في الجانب القبلي كما هي القاعدة في البيوت الشاميّة. يكتنف مربّع الإيوان من الشرق ومربّع آخر من الغرب وتتمحور بحرة كبيرة متعدّدة الأضلاع مع محور الإيوان. تحيط الغرف بالإيوان من الجهات الأربع وتنفتح عليه مباشرة. يعكس ترميم البيت أذواق منتصف إلى أواخر القرن التاسع عشر ولكنّه – على عكس الأبنية الجديدة التي شيّدت في تلك الفترة – حافظ على القاعة (المكوّنة من العتبة الواطئة والطزر المرتفع) ولا نجد فيه الصاليا التي حلّت محلّها آنذاك وتلاشى فيها فرق مستوى الارتفاع في أهمّ غرف المنزل. بالنسبة للإيوان (مزيد عنه لاحقاً) فقد تقلّص طزره إلى أبعد الحدود ليقتصر على مقعد على طول جداره الجنوبي. 

يتألّف بلاط صحن الجوّاني من أشكال معينيّة من الرخام الأبيض تحدّدها شرائط من الرخام الأسود وتشغل مربّعات صغيرة من الرخام الأبيض زواياها الأربع. نرى أمام الإيوان ثلاث ميداليّات كبيرة متعدّدة الفصوص ومرصّعة بالفسيفساء داخل ثلاث مربّعات أحيطت بدورها بإطار مستطيل تكّررت خلاله أشكال نجميّة (الصورة الثانية: كلا اللقطتين لبونفيس Bonfils الأولى أواخر القرن التاسع عشر والثانية عام ١٨٧٢). 

استعمل الأبلق في النصف السفلي من هذه الجدران التي احتوت على صفّين من النوافذ. يعلوا عقد نصف دائريّ الشبابيك السفليّة وفوقه ميداليّات من عجينة الجصّ pastework تتناوب مع رسوم لمشاهد الطبيعة والسفن وخلافه. يتخلّل عدد من الأبواب المفصّصة العقد نوافذ الصفّ السفلي مع أطر فوق هذه الأبواب يحتوي كلّ منها على تمثيل لثلاث شبابيك مدبّبة العقد.

 شبابيك الصفّ العلوي مستطيلة الشكل تتوّجها عناصر زخرفيّة نباتيّة مشغولة من الخشب تتبع طراز الباروك العثماني ونرى فوق هذه العناصر الطنف cornice المكوّن من لفافات scrolls نباتيّة متناوبة مع مناظر طبيعيّة وميداليّات صغيرة تحتوي على رسوم حيوانات (ضمناً فيلة فوق الإيوان) وطيور.

يعلوا الطنف حافّة متموّجة مطليّة بالرمادي-الأخضر الفاتح (كما هو الحال في أطر نوافذ الصفّ العلوي) تشبه مثيلتها في بيت الدحداح ولكنّها أكثر إتقاناً. أخيراً يكلّل درابزين السقف كافّة العناصر الآنفة الذكر على غرار بيت الدحداح وبيت فارحي. 

شارك هذا الإيوان سائر الدور الشاميّة التقليديّة بتواجده على ضلع البيت القبلي ويختلف عنها بغياب الطزر باستثناء مقعد طويل في الخلفيّة. 

تتوالى العناصر الزخرفيّة النباتيّة على فقرات voussoirs عقد الإيوان بينما تنتشر لفافات من النباتات الشائكة acanthus scrolls في مثلّثات الزوايا  spandrels المتشكّلة بين قوس العقد من جهة وحافّة السقف والجدارين المحيطين من جهة ثانية.  طرأت تعديلات على الزخارف خلال القرن العشرين (بدلالة صور لاحقة) عندما امتدّت اللفافات لتشغل المساحات الفارغة في أسفل مثلّثات الزوايا وطليت النباتات باللونين الرمادي والأزرق. 

نرى في أسفل بداية قوس العقد وعلى الجانبين النجمة السداسيّة أو نجمة داوود كما نراها أيضاً في منتصف دوائر أضلاع البحرة (أزيلت نجوم البحرة لاحقاً). لربّما كان لهذه النجوم مدلول ديني أو للحماية من العين الحاسدة مع التحفّظ أنّ النجمة المسدّسة كعنصر زخرفي استعملت في قصر العظم وغيره وليس فقط في البيوت اليهوديّة.

Elizabeth Macaulay-Lewis. Bayt Farhi and the Sphardic Palaces of Ottoman Damascus. American School of Oriental Research, 2018. 
Elizabeth Macaulay-Lewis
Stefan Weber. Ottoman Modernity and Urban Transformation 1808-1918. Proceedings of the Danish Institute in Damascus V 2009.  

Brigid Keenan & Tim Beddow. Damascus: Hidden Treasures of the Old City. Thames & Hudson 2000.